الرابع: في بيان صور اشتباه من يجوز النظر إليه بمن لا يجوز، وأحكامها بعد الفراغ عن جواز النظر إلى عدة من النساء في الجملة، كالزوجة، والمحرم، وغير المسلمة من الذمية - مع اختلاف ما بينها في مقدار النظر - وبعد مقطوعية الحرمة بالنسبة إلى غيرها من الأجنبيات، يلزم البحث عن صور الاشتباه وأحكامها.
إذ الشبهة بدوية تارة، ومصحوبة بالعلم الاجمالي أخرى، وفي بلد الإسلام تارة، وفي غيره أخرى.
وعند العلم الاجمالي: قد يدور الأمر بين كون تلك المرأة زوجة أو أجنبية، وقد يدور بين كونها ذات قرابة أو أجنبية، وقد يدور بين كونها مسلمة أجنبية أو ذمية.
وهيهنا شبهة أخرى دائرة بين المماثل وغيره، حيث لا يدري أن ذاك الشخص المشهود من بعد رجل أو امرأة، حتى يجوز النظر على الأول ولا يجوز على الثاني، فتمام الكلام في مقامين: أحدهما: في الشبهة المحصورة، والآخر: في الشبهة البدوية.
أما الأول: فلو اشتبهت الزوجة بغيرها، أو المحرم بغيرها، أو المسلمة الأجنبية بغيرها من الذمية وما يضاهيها، يحكم بحرمة النظر ووجوب الغض عن جميع الأطراف لوجهين: أحدهما: تنجز العلم الاجمالي بحرمة بعض الأطراف، فيلزم الاحتياط المستوعب - كما في محله - والآخر: استصحاب العدم الأزلي في جميع تلك الأطراف، لأن الزوجية وإن كانت مقطوعة العدم حين الوجود فلا احتياج إلى أصالة العدم الأزلي فيها، إلا أن القرابة وكذا الإسلام والذمية ليس لهما سابقة حال الوجود أصلا، لأن المحرم توجد ذات قرابة بلا فصل وتأخر أصلا، ولأن إسلام المولود وذميته تابع لوليه، فيولد محكوما بحكم ذاك الولي، فلا سبق عدم له بعد الوجود، فإن كان فيه سبق عدم فإنما هو باعتبار العدم الأزلي.