الأمر الأول: في حرمة النظر ويدل عليها من الكتاب قوله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (1).
والمراد من الغض: إما هو النقص والخفض، نحو قوله تعالى " واغضض من صوتك " وإما هو الاطراق والكسر صونا عن النظر والرؤية، فعلى الأول: يدل على جواز النظر وعدم حرمته إذا كان خفيفا بلا ملأ العين تحديقا، وعلى الثاني:
يدل على المنع الشديد حيث أمر بكسر الطرف والاطراق، لئلا يقع على ما لا يجوز وقوعه عليه من النظر، ولا ريب في أن المراد من قوله صلى الله عليه وآله فيما مر من الأمر بدخول الحمام بمئزر وبغض البر هو عدم النظر قطعا، لا مجرد الكسر وإن صحبه النظر، كما أن المستفاد من النهاية الأثيرية هو ما يدل على ذلك أي عدم النظر رأسا لا النظر الخفيف، حيث إنه فسره بالكسر والاطراق وعدم فتح العين، ومن الواضح: أن الأمر بالغض المفسر به هو كناية عن تشديد الأمر بترك النظر كما هو الدارج في العرف من الأمر بالعمى تارة وبالاطراق أخرى عند إرادة ترك النظر.
وهذا المعنى أيضا هو الملائم لما ورد من النصوص الشارحة للكريمة، إما ببيان شأن نزولها، وإما بالاستدلال بها لتحريم أصل النظر.
فمن ذلك: ما رواه عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل... إلى أن قال عليه السلام: وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه وأن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان فقال تبارك