أو الأفعال الواجبة وبين الغصب أصلا، توضيحه: أن القول من حيث إنه لفظ وإن استلزم تموج الهواء ويكون ذاك التمويج تصرفا غصبيا، إلا أنه غير متحد لذلك اللفظ بعينه، بل هو مستلزم إياه لا أنه عينه. مع ما في غصبية تمويج الهواء من النقاش، إذ لكل أحد أن يتصرف في فضائه المباح له بما يستلزم تموج هواء الغير، لأن صرف التمويج ليس غصبا، نعم: نفس الكون في القضاء المغصوب غصب، وأين هو من غصبية اللفظ؟ لأن الكون فيه محرم، وأما أطواره الخاصة المستلزمة لموج ذاك الفضاء، فلا، إذ ليس تصرفا آخر.
والبحث وإن كان عقليا ولكن في حوزة العرف، بمعنى أن ما يعده العرف تصرفا غصبيا لو صار عين الواجب العبادي ومتحدا معه يحكم العقل بالمنع (على ممشى الامتناع) وأما ما ليس عنده تصرفا أصلا - كغمض العين وتحريك الجفن والطرف أو العطاس أو نحو ذلك - فلا، وكذا ما ليس عنده تصرفا زائدا عن أصل الكون الغصبي كما سيتضح. فحينئذ ليس اللفظ عين الغصب، كما أن مجرد التمويج ليس غصبا فلا يتحد شئ من الأقوال الصلاتية مع الغصب فيما لو كان الفضاء مغصوبا فضلا عما إذا كان الفضاء مباحا مع غصبية ما استقر عليه من الأرض أو الفرش، إذ لامساس للفظ بالمستقر عليه من الأرض ونحوه. هذا مجمل الكلام في الأقوال الصلاتية.
وأما الأفعال - فليعلم أولا: أنه ليس الاستقرار على الأرض والكون عليها واجبا في الصلاة، إذ لا دليل عليه، فلذا لو قدر أن يستقر على الماء أو الهواء مثلا لصحت صلاته من حيث الاستقرار، فليس الكون على الأرض واجبا صلاتيا، نعم: هو من المقارنات اللازمة للحياة، بل الواجب فيها من الأفعال أوضاع خاصة:
من القيام والركوع والسجود ونحو ذلك.
وثانيا: أن الغصب هو نفس الكون في مكان أو فضاء مغصوب، وأما الأطوار المعتورة من الحركات الخاصة والسكنات المخصوصة فليست غصبا زائدا - كما مر -