الأول: أن يحمل المانع على ما تتم الصلاة فيه، والمجوز على ما لا تتم، وتجعل الطائفة المفصلة شاهدة على هذا الجمع.
الثاني: أن يؤخذ بالقدر المتيقن من كل من الدليلين وطرح ما عداه بتقديم القدر المتيقن للآخر عليه، كما في قوله: ثمن العذرة سحت، وقوله: لا بأس بثمن العذرة - حيث إن المتيقن من الأول هو عذرة ما لا يؤكل لحمه، ومن الثاني هو عذرة ما يؤكل لحمه، فيؤخذ القدر المتيقن من كل منهما ويطرح ما عداه بالتصرف في المادة. وهيهنا يحكم بأخذ القدر المتيقن من نصوص التجويز وهو (ما قامت الأمارة عليه) والقدر المتيقن من نصوص المنع وهو (ما لم تقم عليه) بحمل كل منهما على ما هو المتيقن منه.
الثالث: أن يتصرف في هيئة نصوص المنع بالحمل على الكراهة في المشكوك ويجعل ما مر نقله - وهو رواية الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تكره الصلاة في الفراء إلا ما صنع في أرض الحجاز أو ما علمت منه ذكاة (1) - شاهدا عليه، بابقاء لفظ الكراهة على معناها المصطلح، لما مر تقويته من شيوع ذاك الاصطلاح في عصر الصادق عليه السلام. ومما يؤيد الحمل على الكراهة المصطلحة لا الحرمة، هو أن أرض الحجاز مقابلة لأرض العراق، فنفي الكراهة في الأولى اثبات لها في الثانية بقرينة التقابل المعهود، ومن المعلوم: أن أرض العراق أرض المسلمين، ولكنهم لذهاب أكثرهم إلى طهارة المدبوغ حكم عليه السلام بكراهة الصلاة في المصنوع بأرضهم. ولم يقل أحد بلزوم الاجتناب عما يوجد في العراق وسوقهم، وهذا نظير الأمر بالتطهير لما اشترى من النصراني المحمول على حكم غير لزومي - كما في محله - وهذا الجمع هو الأقوى في النظر، ولا بعد في اختلاف مراتب الكراهة حسب الموارد شدة وضعفا.
فالمشكوك تجوز الصلاة فيه ما لم يعلم بكونه ميتة، وأن يكره ما لم تقم الحجة على أنه مذكى، مع اختلاف مراتب الكراهة، لأنها فيما لا يكون هناك