لا اختصاص لضرورة الفقه بالاتجار بل تعمه وغيره من أي عمل فردي أو اجتماعي عبادي أو معاملي، اقتصادي أو سياسي، أخلاقي أو نظامي أو غير ذلك.
فمن أراد أن يروض نفسه بالتقوى بغير فقه فقد ارتطم في الرهبانية، وهو لا يعلم أن رهبانية أمة محمد صلى الله عليه وآله هو الجهاد في سبيل الله. (1) ومن أراد أن يسوس الناس بغير فقه فقد ارتطم في البغي والطغيان، وهو لا يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
" لإطاعة لمخلوق في معصية الخالق " (2) ومن أراد أن ينكح بغير فقه فقد ارتطم في السفاح، ومن أراد أن يتعزز بغير فقه فقد ارتطم في تيه المذلة والمسكنة وهكذا...
فعلى الإنسان الذي يريد أن ينال سعادة الدنيا والآخرة أن يتفقه حتى يعلم ما يجب أو يحرم عليه وما يباح أو يحل له. نعم الفقه موصل إلى السعادتين لا السعادة الآجلة فقط، وإن كانت هي الأهم، ولذا قال في المدارك: غايته (أي الفقه) حفظ الشريعة وتصحيح الأعمال وإقامة الوظائف الشرعية والارشاد إلى المصالح الدينية والدنيوية والارتقاء عن حضيض الجهل وربقة التقليد ومرجعها إلى تكميل القوى النفسانية واستجلاب المراحم الربانية. (3) - 5 - وأيضا أن رقي المجتمع الانساني رهين معرفة أحكام الله والعمل بها، إذ بها يتجافى الإنسان عن دار الغرور وينيب إلى دار الخلود، ويستعد للموت قبل حلوله، وبها يتعالى عن حضيض الأرض إلى أوج السماء. ويشهد له ما رواه