التي منها ما لأنفس سائلة له - كالسمك، حيث إنه طاهر وإن مات بلا تذكية معتبرة فيه - وعن عدمها، بزعم الانصراف إلى بعض أقسامها وهو ما له نفس سائلة.
فهذه وأشباهها أمور لا بد من البحث عنها في ثنايا الكلام، حيث إن اتضاح غير واحد منها يتوقف على الغور التام في نصوص الباب، فلنأتها مشيرا إلى مقدار نطاقها.
فمن تلك النصوص: ما رواه عن محمد بن مسلم قال: سألته عن الجلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ؟ قال: لا، ولو دبغ سبعين مرة (1).
لا ريب في خصوصية السؤال وعدم شموله لغير اللباس، وكذا لغير الجلد من أجزاء الميتة لأخذ عنوان (اللبس) وكذا (الجلد) مع (الدبغ) الخاص به فيه - أي في السؤال - وكذا الجواب قاصر عن شمول ما عداه، لأخذ عنوان (الدباغ). فيه أيضا. نعم: لا دلالة له على الجواز في غير مورد السؤال، فلا يعارض ما لو دل على المنع فيه أيضا. وظاهره مانعية الجلد الميت - أي كونه ميتا - عن الصحة، بلا دلالة على شرطية التذكية.
ومن تلك النصوص: ما رواه عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام في الميتة قال: لا تصل في شئ منه ولا في شسع (2).
إن السؤال غير منقول بتمامه، ولكن يستفاد نطاقه من الجواب البتة، إذ لو كان له خصوصية زائدة لا يفيدها الجواب ولا يدل عليها، لكان تركها وعدم نقلها تفويتا لها ومنافيا لوثاقة الراوي وأمانته في الحكاية، وكم له من نظير فيما يكون الجواب دالا على السؤال بتمامه! حيث إن السؤال لا ينقل بتمامه هناك وحيث إن المستفاد من الجواب هو التعميم الشامل للجلد وغيره واللبس وغيره مما يصدق عليه الظرفية ولو بنحو ما يصدق في الشسع، يحكم بأن السؤال أيضا كان كذلك. وقد يحتمل الاختصاص بالجلد بقرينة ذكر (الشسع) المعمول منه غالبا