إلى أخرى، مع انحفاظ ما هو الموضوع للمالكية بحاله، فإن كان هنا دليل اجتهادي حاكم عليه فهو.
وقد يدعى الاجماع على عدم بقاء ذاك المال ملكا للميت، فإن تم فلا مجال معه للاستصحاب، ولكن في الاتكاء على مثل هذا الدعوى تأمل، إذ المشهود في كلمات المجمعين هو الاستدلال لذلك بأمر عقلي، وهو عدم صلوح الميت للمالكية، فمعه يحتمل كون ذاك الاجماع مستندا إليه، وحيث إنه قد صح ما زعم كونه غير معقول فلا مجال للاجماع حينئذ، وليس في البين إلا أدلة الإرث الدالة على انتقال المال إلى الورثة، فإن تم نطاقها على ذلك فهو، وإلا فالمرجع هو الاستصحاب.
ومن تلك الأدلة: قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين (إلى أن قال) من بعد وصية يوصي بها أو دين، (1) وقوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد (إلى أن قال) من بعد وصية يوصين بها أو دين (2).
والكلام فيها تارة: من حيث بيان المراد من لفظة (اللام) في قوله تعالى:
" للذكر... الخ ". ونحوه من الفقرات الأخر. وأخرى: من حيث بيان المراد من لفظة (البعد) في قوله تعالى " من بعد وصية ".
أما البحث عن المراد من (اللام): فقد يحتمل كونه لإفادة الملكية المستقرة، فيدل على أن المال ينتقل بالموت إلى الوارث ويصير ملكا مستقرا له - كغيره من الأملاك.
وقد يحتمل كونه لإفادة الملكية المتزلزلة، ويتفرع عليها جواز الانتزاع والاسترداد، ويتوقف تبدلها من التزلزل إلى القرار على أمر آخر من فراغ الذمة مثلا.