ويتكامل دائما لا وقوف له ولا ركود، بل يجري مجرى الشمس والقمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
والسر في ذلك: هو أن العقل الحر الذي لم يستعبده التقليد الحاكم على غير واحد ممن ينتمي إلى العلم سراج منير، والخبر المعتبر المأثور عن المعصوم عليه السلام وحي ممثل ظاهره أنيق وباطنه عميق لا نفاد لمعارفه ولا حد لمطالعه لارتباطه إلى الله سبحانه، الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض.
فكما يقال لقارئ القرآن: " إقرأ وارق " (1) كذلك يقال للمجتهد الذي لم يأسر هواه عقله ولم يستعبد التقليد تحقيقه ولم يحكم مجرد شهرة أمر على اجتهاده ولا صرف شيوع حكم على استنباطه: إقرأ الخبر المأثور عن أهل بيت الوحي والعصمة وارق إلى معنى أدق مما فهمه القوم، إذ كم ترك الأول للآخر! ومثل هذا المجتهد قد يستنبط ما لم يعهد مثله مع التحفظ على الأصول الجامعة للاجتهاد والسر في ذلك - كما أشير إليه - هو أن قول المعصوم صلى الله عليه وسلم حبل وثيق أحد طرفيه بيد الناس والطرف الآخر بيد الله سبحانه وتعالى، يعني أنه لا انقطاع للمعارف المستفادة منه. ولنأت بشاهد قوام بالقسط وهو ما رواه المفيد - قدس سره - في أماليه... عن سالم بن أبي حفصة قال: لما هلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قلت لأصحابي: انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام فأعزيه، فدخلت عليه فعزيته ثم قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب والله من كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يسأل عمن بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله لا والله لا يرى مثله أبدا، قال: فسكت أبو عبد الله عليه السلام ساعة ثم قال: قال الله عز وجل إن من عبادي من يتصدق بشق تمرة فأربيها له فيها كما يربي أحدكم فلوه حتى أجعلها له مثل أحد، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب من هذا كنا نستعظم قول أبي جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا واسطة، فقال لي