الصلاة في المغصوب، هو ما لو لم يصل فيه لأجل الغصبية تفطن الخليفة أو الوالي القاهر: بأن ذاك الشخص لا يراه مستحقا للخلافة أو الولاية بل يراه غاصبا، وهذا مثار الافتنان والهلاك - كالوضوء تقية حيث إنه يتوضأ بما يرفع به المحذور اتقاء من شر من يتقى منه - فيصلي في هذا المكان صلاة المختار، إذ لو صلى إيماء لكن مثار الهلكة والفتنة. فاتضح الفرق بينه وبين ما يكون الاضطرار إلى الكون لا الصلاة. فتنبه حتى لا يخفى عليك ما خفى على بعض المعاصرين من الفرق.
مسألة 9 - إذا اعتقد الغصبية وصلى فتبين الخلاف، فإن لم يحصل منه قصد القربة بطلت، وإلا صحت. وأما إذا اعتقد الإباحة فتبين الغصبية فهي صحيحة من غير اشكال.
إن العالم بالغصبية قد يكون عالما بالحرمة، وقد يكون جاهلا بها، وسيأتي البحث عن الجاهل في المسألة التالية.
وأما العالم بها مع اعتقاد الغصبية: فالذي يستفاد من المتن إمكان حصول قصد القربة منه، ويمكن تصوير تمشيه بأحد الوجهين: (الأول) على مبنى جواز اجتماع الأمر والنهي، لاجداء تعدد الجهة، فحينئذ يقصد القربة بداعي الأمر.
و (الثاني) على مبنى امتناعه، ولكن يقصد القربة بالملاك، حيث إن الملاك موجود وإن لم يمكن الأمر لامتناع الاجتماع ورجحان النهي عليه.
وعلى التقديرين لا ريب في الصحة، أما على الأول: فواضح. وأما على الثاني:
لجواز الاكتفاء بالملاك وكفاية انضمام الحسن الفعلي إلى الحسن الفاعلي، ومن المعلوم: وجود الملاك في خصوص الفرض قطعا بلحاظ الواقع، لخلوه عن الغصبية المتوهمة. والحاصل: أنه يمكن توجيه تمشي قصد القربة على أحد الوجهين.