قد يوجه خيرة " المتن " بأن مصلحة الوقت أهم من مصلحة تلك الأمور الواجبة الاختيارية، حسب الشواهد الواردة في بعض الموارد.
وأما قاعدة (من أدرك) فهي ليست بصدد تجويز التأخير، لأنها مختصة بما إذا لم يبق من الوقت فعلا إلا مقدار ركعة، فلا تشمل ما إذا بقي بمقدار تمام الصلاة ولكن يؤخرها إلى أن يبقى مقدار ركعة.
وفيه - بعد الغض عن بعض ما فيه من النقاش - أن المستفاد من قاعدة (من أدرك... الخ " هو الاكتفاء بادراك ركعة في الوقت مطلقا، فهي بطبعها الأولي غير مقيدة بالاضطرار ونحوه، اللهم إلا بالانصراف عن صورة التأخير العمدي، إذ تجويزه مستلزم للغوية التحديد بوقت خاص، لأن جواز إيقاع ثلاث ركعات من العصر أو العشاء مثلا في خارج الوقت عمدا موجب لعدم التحديد المعهود وكونه لغوا، فلهذه النكتة تنصرف هذه القاعدة عن التأخير لا لعذر، نظير ما حققناه في قاعدة (لا تعاد) من انصرافها عن ترك ما عدا الخمسة المذكورة فيها عمدا - أو ما بحكمه - صونا عن اللغوية، ولذا يحكم بأنه أو بقي مقدار خمس ركعات للحاضر أو ثلاث للمسافر (في الظهرين) للزم تقديم الظهر وإيقاعها بتمامها في الوقت مع تأخير العصر بايقاعها في الوقت وخارجه، بأن يدرك ركعة منها فيه والباقية في خارجه.
فمنه يتضح: أن المستفاد من القاعدة هو أوسع مما تخيل، فيجوز التأخير لعذر، فلا تختص بما إذا بقي مقدار ركعة فقط، فعليه لا مجال لترك المطلوب الأولي - من الاستقبال والركوع والسجود الاختياريين - بالتنزل إلى البدل.
وأما تقديم الوقت على الطهارة المائية بالتنزل إلى التيمم، فلأجل ما ورد في خصوص ذاك الباب من " أن خائف فوت الوقت يتيمم " فلا يتعدى إلى غيره.
فالأقوى: هو قطع الصلاة باستئنافها في المكان المباح (وإن لم يدرك من الوقت إلا ركعة) مع الاتيان بما هو المطلوب الأولي من الأجزاء والشرائط الاختيارية لها.