المقام الأول في البحث عن أصالة الحل بمعنى الجواز التكليفي فقط إن مدار البحث هنا هو كون المراد من الحل المستفاد من قوله " كل شئ لك حلال... الخ " هو الترخيص في الأكل وتجويزه، فعلي هذا الفرض نقول:
لا مجال للاستدلال بها أصلا.
أما أولا: فلأن المانعية عن الصحة وحرمة الأكل أمران عرضيان موضوعهما واحد وهو نفس الحيوان الخارجي - على ما يستفاد من نصوص المنع عن السباع - إذ لم يؤخذ عنوان ما لا يؤكل موضوعا للمانعية في هذه الطائفة من النصوص، فليس أحدهما في طول الآخر حتى يكون الشك في المانعية مسببا عن الشك في الحرمة. نعم: إن المستفاد من (موثقة ابن بكير) التي هو الأصل في الباب وكذا ما يتلوها من تلك الطائفة هو إناطة المانعية بحرمة الأكل، فهما مترتبان لا عرضيان، ولا أشكال في أن المتلازمين المستندين إلى ملزوم وواحد لا يثبت أحدهما بمجرد ثبوت الآخر بالأصل - على ما في محله - وأما اللازم والملزوم اللذين يكون ترتب أحدهما على الآخر شرعيا مع كون ذاك اللازم بنفسه أيضا شرعيا فهو وإن يمكن ثبوت اللازم بمجرد إحراز الملزوم بالأصل، إلا أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، لأن المستفاد من تلك الطائفة هو ترتب المنع على محرم الأكل واقعا وبعنوانه الأولي لا الأعم من الواقعي والظاهري حتى يثبت الموضوع بالأصل، كما أن المستفاد من أصالة الحل ليس تنزيل المشكوك منزلة الواقع - كالاستصحاب المحرز - حتى يؤل مغزاه إلى ترتيب آثار الواقع عليه، فما لم يكن دليل المنع ناظرا إلى الأعم من الواقع والظاهر - لانحداره إلى خصوص الواقع - ولم يكن أصل الحل أيضا محرزا للواقع - كالاستصحاب - لا مجال للحكم بارتفاع المنع فيه أبدا.