عنوان (الميتة) كما أن الأصل هنا موجب لثبوت الأحكام الممنوعة بالموت الخاص، حيث إن الممنوع يتحقق بفقد المانع، وهو (الموت بلا ذكاة) بلا احتياج إلى إثبات عنوان (المذكى).
وأما المقام الثاني: ففي بيان الصغرى قد اشتهر بين الأصحاب (ره) دوران الحلية مدار التذكية، ودوران النجاسة وكذا بطلان البيع وعدم جواز الاستعمال مدار الميتة، حسبما يعنون بذلك في كتبهم الفقهية. وأما في الصلاة فلها حكم نأتي به تفصيلا.
فإن أنيط الحل بالتذكية يحكم بانتفائه عند فقدها - ولو بالأصل - سواء أحرز عنوان الميتة أم لا نحو قوله تعالى "... إلا ما ذكيتم " حيث إن الحكم يثبت بمجرد فقد التذكية وإحراز عدمها - ولو بالأصل - كما أنه لو أنيط المنع عن الاستعمال وعدم جواز البيع ونحو ذلك بالميتة يحكم بانتفاء هذه الأحكام عند احراز فقدها - ولو بالأصل - وإن لم يثبت عنوان (المذكى) كما مر. كل ذلك حسب نطاق الأدلة وألسنتها المختلفة باختلاف الموارد.
إذا اتضح لك ما تقدم، فلنبحث عن الصلاة وما أخذ فيها: من شرطية التذكية أو مانعية الميتة، والعلاج بين روايات الباب عند عدم امكان الجمع ورفع التعارض.
فنقول: لو كانت التذكية شرطا لصحة الصلاة والميتة مانعة عنها، فإما أن يفسر (الميتة) بما يرجع إلى أمر عدمي، وهو أن تكون الميتة هي (غير المذكى) فلا أثر في البين في جريان الأصل، كما لا يخفى. وإما أن يفسر بما يرجع إلى أمر وجودي - بحيث كانت النسبة بين التذكية والميتة الضدية وتكونان من قبيل ضدين لا ثالث لهما - فلا إشكال في اجتماع الحكمين، إذ لا محذور في شرطية الأولى ومانعية الثانية معا، كما لامساس للأصل الجاري في إحداهما بما هو الجاري في الأخرى، فالأصل الجاري في ناحية الشرط يوجب ترتب الأحكام المرتبطة به دون ما يرتبط بالمانع، وكذا العكس.