وقد يتمسك أيضا بعدم فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا الصحابة والتابعين له وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
صلوا كما رأيتموني أصلي.
وفيه: أن أقصى ذلك عدم العثور على فعل هؤلاء له، وهذا القدر قاصر عن إفادة الحصر، إذ لا ريب في جواز غير واحد من الأمور في الصلاة وغيرها مع عدم العثور على ارتكابهم لها.
وأما ما نقل في خصوص الصلاة: فهو نبوي لم يصل إلينا من طريقنا فلا اعتداد به، مع عدم التزام الفريقين بمضمونه، إذ من البديهي عدم لزوم الجمود على الخصوصيات والأحوال الشخصية التي كان النبي صلى الله عليه وآله يأتي بها حال الصلاة من الألبسة نوعا ولونا وما إلى ذلك.
والظاهر: أن المراد منه - على تسليم السند - هو الأفعال والأذكار الصلاتية، وأما الحالات الحافة بها مما هو خارج عنها، فلا. وقد يتمسك أيضا بما هو أهون مما مر، فلا جدوى لنقله ونقده.
بقي الكلام في الكراهة، حيث إنها تحتاج إلى الدليل الخاص البتة، ولقد حكم بها " الماتن " وعده من مكروهات اللباس للمصلي.
وقد يقال: بكفاية المرسلة المتقدمة، لأنها وإن دلت على الحظر - كما ادعى - ولكن لضعف سندها يحكم بالكراهة تسامحا في دليلها، كما يتسامح في دليل الاستحباب، حيث يكتفى فيه بما ظاهره الوجوب مع ضعف السند.
وفيه - أولا: أن نطاق تلك المرسلة خاص بالشمشك والنعل السندية، فلا يتعدى عنهما إلى غيرهما، اللهم إلا بالقاء الخصوصية باستفادة التمثيل لا التعيين.
وثانيا: على فرض شمول (حديث من بلغ) للترك كشموله للفعل لا يدل على أزيد من محبوبية عنوان الرجاء فعلا أو تركا، وأما محبوبية نفس ذلك الفعل أو الترك فلا، فحينئذ لا يثبت الاستحباب المصطلح هناك ولا الكراهة المصطلحة