ويشهد له عدم تعرض المعصوم عليه السلام لذلك في شئ من القضيتين المعهودتين مما روى إحديهما " البطائني " والأخرى " أبو بصير " حيث تاب بعض كتاب بني أمية، فأمره الصادق عليه السلام بخروجه عما فيه، مع ما في تلك القضية من ابتلائه بالأموال المحرمة كثيرا، فلم لم يحكم بإعادة الصلوات أو قضاءها مع كونه مأمورا برد تلك الأموال البتة؟ وهذا وأمثاله لو لم يدل على المطلب، فلا أقل من التأييد، بل يؤيد عدم شرطية إباحة لباس المصلي مطلقا.
ورابعها: ما رواه عن الصدوق، قال: قال الصادق عليه السلام... ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به ما قبله منهم، حتى يأخذوه من حق وينفقوه في حق (1).
أن السند مرسل، ومجرد الارسال البتي من " الصدوق " لا يثبت أزيد من طمأنينته (ره) به، ومن المعلوم: إمكان النقاش فيما لم نثق به وإن وثق به " الصدوق " نعم: لهذا النوع من المرسل ميز لا خفاء فيه، ولكنه ليس مجد يجب الأخذ به في قبال ما يدعي من عدم نص من أهل البيت، كما مر.
وأما المتن: فالمراد من الفقرة الأولى، هو أن إنفاق المال المكتسب مما رخص فيه فيما نهى عنه بتخيل عباديته والتقرب به غير مجد في القبول فلا أثر له أصلا، وليكن هذا هو مفاد قوله عليه السلام "... فيما نهاهم عنه " لا غيره من المعاصي، حيث لا ترقب قبول ولا ترصد ثواب عندما أخذه من حلال وصرفه في الزنا أو شرب الخمر أو نحو ذلك، بل المراد هو صرفه فيما له جهة عبادية بزعمه ذاهلا عن كونه منهيا عنه، كإعانة من تحرم معاونته لكونه ظالما يتقوى به على الظلم مثلا، وكصرفه في بناء يكون تأسيسه مخالفا لما دعت إليه الشريعة الحقة، وهو عن ذلك ذاهل، ولا اختصاص للانفاق بالاطعام ونحوه، بل المراد منه ما يعم جميع ذلك لكونه مقابلا للأخذ والتحصيل، فمعناه مطلق الصرف.