ولكن مع ذلك كله قامت السير المستمرة على عدم الاعتداد بشئ من هذه الشكوك، بل كانوا يصلون فيها بلا إشكال، وإلا لزم اجتنابهم عن مثل تلك الألبسة - وهو كما ترى - هذا عند احتمال السقوط والخلط، وأما عند احتمال اتخاذ ذاك اللباس من وبر ما لا يؤكل لحمه فقط فلم تقم سيرة هناك.
فتبين جواز الصلاة في المشكوك الذي لا يحتمل فيه اتخاذه من وبر محرم الأكل خالصا، لقيام هذه الأمارة، كما أنه تبين الجواز فيه مطلقا بذينك الأصلين: أحدهما: البراءة في الأقل والأكثر، والآخر: أصالة الحل، على ما استظهرناه من الجامع الذي يعم الحل الوضعي أيضا. فهذه طرق ثلاثة لبيان الجواز.
الجهة الخامسة في الأصل الموضوعي قد آن موعد إنجاز الوعد، وهو تتميم الكلام في الاستصحاب، وليعلم: أن الحكم هنا هو جواز الصلاة أو عدمه، والموضوع هو الشرطية أو المانعية بلحاظ، وحرمة الأكل وحليته بلحاظ آخر. والبحث هنا متمحض في جريان الاستصحاب الموضوعي، وهو الشرطية أو المانعية، وكذا حرمة ذاك الحيوان وحليته، إذ لو أحرز عدم الشرطية مثلا لهذا المشكوك أو عدم الحرمة للحيوان الذي اتخذ من أجزاءه هذا اللباس يحكم بجواز الصلاة وصحتها فيه، فتمام الأمور في مقامين:
المقام الأول في أصالة عدم جعل الشرطية أو المانعية لا ريب في مسبوقية جعل الشرطية بالعدم ولو أزلا، إذ قبل نزول الوحي لم يجعل ذاك الحكم الوضعي على هذا الشئ الموجود اللحاظي، حيث إن الحكم