عن ملكه إلى ملك الغاصب.
وأورد عليه نقضا: بما لو صار المغصوب تالفا بمادته وهيئة، حيث إن الغاصب حينئذ مأمور بأداء البدل المطابق للمبدل كذلك من دون أن يرد في ملكه شئ أصلا، فأداء البدل ليس معاوضة حتى يستلزم دخول شئ في ملكه، فتلك القطع باقية على ملك مالكها الأول.
والتحقيق الحاسم للنزاع الهادي إلى ما هو الأصل الأصيل الذي يحوم حوله الجواز والمنع المائز لحكم انعدام المغصوب رأسا عن حكم تلف صورته فقط، إنما هو على ذمة مقدمة ومقامين:
أما المقدمة: فهي أن العقلاء بحسب غرائزهم وارتكازاتهم أصلا يرجعون إليه في الضمان وفي كيفيته، وحيث إن الشرع الأنور لم يبين في شئ من موارد الاتلاف والغصب ونحو ذلك عدا أصل الضمان، فلا بد من ايكال كيفيته إلى العرف امضاء لها بهذا الايكال الضمني، والذي يتحصل بعد الغور البالغ في غرائزهم، هو أن التالف بما هو تالف بعينه يستقر في الذمة، فلو غصب زيد شاة عمرو وذبحها وأطعمها الغير أو نفسه فصارت معدومة عرفا، يقول عمرو المغصوب منه للغاصب:
أد شاتي، حسب الارتكاز الأولي، من دون أن يقول بدوا: أد بدل شاتي من المثل أو القيمة، فهذه الغريزة الموجبة لهذا التعبير أصدق شاهد على اشتغال ذمة الغاصب بالعين المغصوبة التالفة ولا وبالذات، بحيث لو فرض امكان عود تلك العين بحالها في الخارج لكان له مطالبتها كما لو لم تتلف أصلا، وهذا بخلاف ما اشتغلت الذمة بالبدل عند التلف، إذ لا يستحق المغصوب منه عدا ذاك البدل شيئا، فالعين على فرض عودها للغاصب، لا له. نعم: لما لم يمكن أداء تلك العين التالفة يحكمون بلزوم تأدية ما هو الأقرب إليها، وحيث إن الأقرب إلى تلك العين يختلف باختلافها - إذ في بعض الموارد يكون الفرد الآخر من طبيعتها أو صنفها أقرب إليها، وفي بعضها الآخر يكون ما يحاذيه من المالية كذلك - انقسم البدل إلى