فقالت ثانيا: بعدم كفاية الشبر لستر القدم، فحكم صلى الله عليه وآله وسلم بارخاء الذراع دون الزائد عنه.
ومن المعلوم: أن الصلاة حسب الجرى العادي إنما هي في البيت وفي اللباس المعد له لا في اللباس المعد للخارج، ولسنا الآن بصدد الاستدلال بهذا الخبر المروي بطريق العامة، بل بصدد دفع ما استشهد للحدائق وتقريب أن الدرع لم يكن بحيث يستر القدم أيضا.
فتحصل من الجميع: عدم لزوم ستره لا ظاهرا ولا باطنا، إذ لم يكن في الباب ما يدل على لزوم ستر جميع البدن حتى يفتقر إلى الاستثناء، مع عدم إحراز كون الدرع ساترا للقدم، بل يطمئن بعدم ساتريته له، فلا وجوب له بالدليل الاجتهادي.
ثم إنه عند انتهاء الأمر إلى الشك يحكم بالبراءة أيضا لا الاشتغال.
نعم: إن التحديد بالقدم مما لا يمكن إثباته، بل يدور مدار المقدار المشكوك فيه، فلعل بعض الأجزاء الفائقة للقدم أيضا كذلك، فلو فرض الشك فيها لحكم بالبراءة وعدم الاشتغال.
الأمر الخامس: في أنه يجب ستر شئ من أطراف المستثنيات مقدمة قد لاح لك: عدم وجوب ستر الوجه والكفين والقدمين ظاهرهما وباطنهما في الصلاة، دون الزائد عن ذلك، على تأمل في تحديد القدم بحده الخاص، بل يجوز كشف ما زاد عنه أيضا عند انتهاء الأمر إلى الشك في شرطية ستر ذاك الزائد.
ثم إنه قد يكون المستثنى مبين المفهوم والمصداق، وقد يكون مبين المفهوم دون المصداق، وقد يكون مبهم المفهوم، فيتلوه الابهام في المصداق قهرا.
فعلى الأول: فلا خفاء فيه أصلا، لاتضاح عدم وجوب ستر ذاك الحد المستثنى كالوجه مثلا، مع وجوب ستر ما عداه.