مشعر بكونها لبيان آداب المحاورة والجلوس بلا لزوم، وإلا لما أخذ قيد الجلوس بينهم، لأن الستر واجب وإن لم يكن بين قوم بل كان مع واحد منهم.
ومنها: ما عن قرب الإسناد عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليه السلام أنه قال: إذا زوج الرجل أمته فلا ينظرن إلى عورتها، والعورة ما بين السرة والركبة (1). وفيه: أن النظر إلى ذلك الحد المبتدئة من الركبة المنتهي إلى السرة لما كان أقوى تهييجا للشهوة لأمكن اختصاصه بالنهي في هذا الموضوع بنحو التنزيل لا أن الحد المذكور بتمامه عورة حقيقة، مع ما في السند من الضعف واعراض الأصحاب عن التحديد الكذائي.
والحاصل: أنه لا صلوح لما ظاهره المعارضة لأن يعارض ما مر، وعلى تقديره يكون الرجحان والتقدم لذاك، وعلى التسليم وانتهاء الأمر إلى الشك يحكم بالبراءة عن الأكثر، فلا يجب ستر ما عدا القبل والدبر كما هو المشهور.
ولا خفاء في أن التحديد بهذا القدر فيما إذا كانا متماثلين، وأما عند الاختلاف كالرجل والمرأة ففيه كلام آخر يأتي بمنه تعالى.
الجهة الثالثة في تساوي جميع المكلفين في وجوب الستر وحرمة النظر لا ارتياب لمن تدبر النصوص المتقدمة في تساوي جميع المكلفين من الكفار والمسلمين في وجوب عدم التمكين وحرمة النظر، سواء في ذلك عورة المسلم وغيره ونظر المسلم وغيره، لاطلاق تلك الأدلة بلا تقييد ولا اختصاص.
عدا ما رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار (2) لأن ظاهرها جواز النظر إلى عورة الكافر للمسلم والكافر