فلا بد فيه من الاحتياط وذلك لأن التكليف هناك واحد مبين بحدوده وقيوده، وأما لزوم ترك جميع الأفراد فمن باب توقف امتثال ذاك الترك الواحد على هذه التروك بلا كثرة للتكليف.
وأما إذا كان بنحو الطبيعة السارية فهنا تكاليف عديدة مستقلة فكل منها موجب لتخصيص العام أو الاطلاق الموجود في أصل المسألة، ففيه تخصيصات أو تقييدات كثيرة، فعند الشك في كون هذا الشئ مأكول اللحم أو غيره يشك في التخصيص الزائد أو التقييد الزائد المحكوم بحكم الشك في أصل التخصيص أو التقييد المطرود بأصالة العموم أو الاطلاق. هذا إذا كان الشك لشبهة موضوعية.
وأما إذا كان لشبهة حكمية، فحيث إن أولها إلى الشك في الموضوع الخارجي فالكلام فيها أيضا هو ما أشير إليه. وتفصيل المقال في حكم الأقل والأكثر الارتباطي - من الاحتياط مطلقا أو البراءة كذلك أو التفصيل بين العقل والشرع بالاحتياط على الأول والبراءة على الثاني - في موطنه المعد له. هذا محصل القول في الاشتغال والبراءة.
وأما أصالة الحل: فقد يتمسك بها لصحة الصلاة في المشكوك فيه، وتقريب ذلك: أن الشك في جواز الصلاة فيه وعدمه مسبب عن الشك في حلية أكله وحرمته، فعلى الأول تجوز دون الثاني، فمع إجراء أصالة الحل يطرد الشك في الجواز، بل يعلم تعبدا به، فتصح الصلاة فيه.
وحيث إن المراد من الحلية المجعولة فيها هل هو التكليفي منها أو الأعم؟
يحتاج إلى بسط مقال يتضح في ضوءه النقاش في السببية، بل أصل التمسك بها على بعض التقادير، فلا بد من البحث عنه في مقامين: