فتحصل من هذه الطائفة بطلان الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل لحمه، بلا فرق بين أنواع ذاك الحيوان من السباع وغيرها - للاطلاق - وبلا فرق بين الملبوس والمتلطخ الذي يصدق عليه الظرفية التسامحية، بخلاف المحمول الذي لا يصدق عليه إلا المعية أصلا، وبلا فرق بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم، لاطلاق بعض ما مر، وعموم موثقة " ابن بكير " وسيأتي الكلام فيه، وبلا فرق بين ذي النفس وغيره لما مر أيضا.
الأمر الثاني: في عدم الفرق بين السباع وغيرها ثم إن في الباب نصوصا أخر، لعله يتمسك بها للتفصيل بين السباع وغيرها، باختصاص المنع بالأول دون الثاني، فيلزم نقلها والتأمل في كل منها أولا، ثم الجمع بين الطائفتين ثانيا، فالكلام في مقامين: أحدهما في نقل تلك النصوص، والثاني في علاج تعارضها.
أما المقام الأول ففي النصوص المفصلة بين السباع وغيرها فمنها: ما رواه عن عبد الله بن إسحاق، عمن ذكره، عن مقاتل بن مقاتل قال:
سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السنور والسنجاب والثعلب؟ فقال: لا خير في ذا كله ما خلا السنجاب، فإنه دابة لا تأكل اللحم (1).
إن دلالة هذه المرسلة على اختصاص المنع بالسباع، بأن يكون الذيل - تعليلا للجواز في السنجاب - دالا على إناطة المنع بآكلية اللحم، فالحيوان الذي يأكل اللحم حسب الجري العادي ويعيش ويديم حياته به لا تجوز الصلاة في أجزاءه ثم يجعل هذا كناية عن كونه سبعا، وما لا يأكل اللحم حسب العادة لإدامة المعاش فليس بسبع فتجوز الصلاة في أجزاءه، وإن كان هو بنفسه محرم الأكل.