إلا أنه لما صار هذا الدافع والمزاحم - بدفعه المحرم - أولى وأحق بذاك المكان ليس لغيره دفعه ومزاحمته وإن كان هو ذاك الذي سبق إليه، ولو دفع ذاك السابق هذا المزاحم لصار أيضا أولى بذاك المكان منه، إذ كل من سبق إليه فله الأولوية وإن كان سبقه بنحو الدفع المحرم والمزاحمة الممنوعة.
والحاصل: أنه هل يوجب السبق إلى أحد المشتركات من المسجد والسوق وما يضاهيهما حقا وضعيا؟ أو لا يوجبه بل ليس إلا منشأ للحكم الشرعي؟ وقد أشير إلى الميز بينهما، ولا يلزم في الحق أن يكون صالحا للنقل، لإباء بعض الحقوق عنه، وذلك فيما يكون متقوما بشخص خاص - كحق المضاجعة على بعض الفروض.
ثم إنه هل يتفاوت الحكم بين دفع نفس الشخص السابق وطرده، وبين طرد ما وضعه هناك رحلا له وأمارة على سبقه إليه، أم لا؟ ولا خفاء في أن الدفع قد يكون بنفس الصلاة وقد يكون بغيرها.
وعلى احتمال استيجابه حقا وضعيا: فهل يكون محدودا بحد خاص من اليوم والليلة أو أقل أو أكثر؟ أو لا حد له؟ بل يدور مدار ميل ذاك السابق إلى البقاء وعدم الاعراض عنه.
وتفصيل المقال موكول إلى كتاب (احياء الموات) كما أفاده في " الشرايع " حيث استقصى فيه البحث عن الطرق والمساجد والمدارس، فراجع.
والمهم في الباب هو ما روي من النصوص الخاصة، فيلزم الغور فيها حتى يتضح ما هو الحق في ضوئها.
ومن تلك النصوص: هو ما رواه عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: نكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع التي يرجى فيها الفضل، فربما خرج الرجل يتوضأ فيجئ