فكيف كان قال في " المستند ": الظاهر جواز النظر إلى كل ما لا يجوز النظر إليه في المرآة والماء ونحوهما، لانصراف النظر إلى الشايع والمتعارف، ولعدم العلم بكونه نظرا إلى المرء والمرأة، لجواز كون الرؤية فيهما بالانطباع، وكذا يجوز النظر إلى الصور المنقوشة، للأصل، انتهى.
وفيه: أن دارجية الأفراد الخاصة وشيوعها غير موجب لانصراف المطلق عن النادر أولا، مع أن للمقام خصيصة مانعة عنه ثانيا، وهي حكمة التحفظ عن التهييج، كما سيجئ.
وأما احتمال خروج عن الفردية والاندراج وكون الاطلاق من باب المجاز والمسامحة، فمندفع بأن المتبع في سعة مفهوم اللفظ وضيقه هو العرف الذي لا يتسامح في حوزته، وإن أمكن أن يكون بالدقة العقلية تسامحا. وهذا نظير ما يعتبر في صدق (النقض) وجريان الاستصحاب من اتحاد القضيتين المقطوعة والمشكوكة الموجب لبقاء الموضوع ووحدته، إذ العرف الدقيق في حوزته يرى الموضوع منحفظا وإن تغير بعض أحوالها التي لأدخل له فيه، مع أن العقل القراح يراه متغيرا.
ونظير ما يقال: بطهارة ما بقي من لون الدم في الثوب المغسول، إذ العرف الدقيق يحكم بزوال النجس رأسا وأن الباقي من اللون ليس مصحوبا لنفس الدم بل هو أثر باق منه، مع أن العقل القاضي بامتناع انتقال العرض عن موضوعه - لأنه متقوم وجودا به - يحكم ببقاء الأجزاء الصغار الحاملة لذاك اللون من الدم لا محالة.
ومن المعلوم: أن العرف يرى النظر بالمرآة أو الماء نظرا إلى المرئي الخارجي البتة. وحديث الانطباع المحتمل في كلامه (ره) - مع مقدوحيته في محله عند أهله - غير ضار في مثل المقام الذي أسسه الفهم العرفي وشيده الارتكاز العقلائي، دون العقلي.