والذي يقتضيه النظر - في هذا المقام - أن يقال: إنه لما ثبت - بالدليل العقلي والنقلي - استحباب المبادرة بالعبادة المأمور بها في أول الوقت، وثبت أيضا - بالاجماع، بل الضرورة - استحباب النافلة قبل الفرضين، اقتضى الجمع بينهما استحباب التأخير بمقدار أداء النافلة، كما صرح به في الأخبار الأخيرة، ولا دليل على استحباب تأخير الظهر من الزوال أو تأخير العصر من الظهر إلى غاية ولو فرغ من النافلة قبلها، عدا ما يتراءى من الأخبار السابقة وغيرها مما يظهر منه استحباب التفريق بين الظهرين، وليس في شئ منها تصريح باستحباب تأخيرهما حتى عن وقت إجزائهما بغير مقدار أداء النافلة، كما يظهر بالتأمل فيها.
ومما صرح فيه بأن استحباب التأخير عن أول وقت الاجزاء إنما هو لأجل النافلة، مضافا إلى ذيل صحيحة زرارة المتقدمة (1) الحاكية لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر بعد الذراع، والعصر بعد الذراعين -:
ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: (صلاة المسافر حين تزول الشمس؟ لأنه ليس قبلها في السفر صلاة، وإن شاء أخرها إلى وقت الظهر في الحضر، غير أن أفضل ذلك أن يصليها في أول وقتها حين تزول الشمس) (2).
ومن هذه الرواية يظهر أن استثناء يوم الجمعة والسفر من تحديد وقت الظهر بالقدم ونحوه - في روايتي سعيد الأعرج وإسماعيل بن عبد الخالق