الوقت لا يتأتى حقيقة القصد إلى كون الفعل واقعا في الوقت والاستصحاب - الموجب لجعل زمان الشك في حكم الوقت - لا يفيد إلا ترتب الأحكام الشرعية الثابتة مع بقاء الوقت، والأدائية بمعنى كون الفعل واقعا في وقته ليس حكما شرعيا، فالقصد إليه مع عدم الظن به غير معقول.
(و)، لما كانت النية - عند المشهور - عبارة عن القصد المخطر بالبال - كما تقدم في الوضوء - وجب في نية الصلاة (إيقاعها عند أول جزء من التكبير); لتوقف المقارنة على ذلك، نسبه في المنتهى إلى علمائنا (1)، فلو قصد إلى إيقاع الصلاة المعينة قبل ذلك وافتتح مع عزوب الصورة لم تصح، وعلى القول بكون النية أعم من التفصيلي المخطر ومن المركوز في النفس الباعث على الفعل وإن لم يلتفت إليه تفصيلا - كما عليه جماعة من محققي متأخري المتأخرين، ويعبرون عنه بالداعي -، فلا حاجة إلى مقارنة القصد المخطر لأول التكبير، وهذا هو الظاهر من النية في العرف والشرع; فإن من الظاهر، بل المقطوع أن أمر النية - من حيث الماهية والحكم في الصلاة وغيرها من العبادات الواجبة والمستحبة - على نهج واحد، والمعلوم من الشرع وسيرة أهله عدم الالتزام بما ذكروه في الصلاة فيما عداها، بل يكتفون فيها بما لا بد منه عقلا في تحقق مطلق الفعل الاختياري عبادة كانت أو معاملة، من تصور الفعل والغاية الداعية إليه، ثم القصد إليه مقارنا له، أو لما هو مشتمل عليه مرتبط به، فإن نية الإقامة يتحقق بأن يقصد في أول الأذان الاتيان به مع الإقامة، وإن كان حين الشروع في الإقامة قد عزبت عنه الصورة المذكورة مع بقاء القصد الاجمالي.