وهذا الطعن كما ترى مردود بأنه بعد ما ثبت أن القرآن منزل على لسان الأصمعي ونحوه ممن يبول على قدمه، ولم يثبت صحة قراءة حمزة في لسانهم ولا تواترها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فتخطئة اجتهاد حمزة في قراءته لا تقدح في عدالته.
ومنه يظهر ضعف ما حكاه في ذلك الشرح - أيضا - عن بعض أهل التفسير الطاعن على الزجاج المخطئ لقراءة الجر المذكورة: أن مثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين; لأن القراءات التي قرأها القراء ثبتت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تواترا يعرفه أهل الصنعة، فمن رد ذلك فقد رد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا المقام محذور لا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو، انتهى.
فقد حصل مما ذكرنا: أن المتبع من الاعراب الموجود في المصاحف ما لم يعلم استناده إلى القياس.
ومنه يظهر حكم غير الاعراب مما اعتبره القراء ولو بأجمعهم، من بعض أفراد الادغام ونحوه من القواعد المقررة عندهم لتجويد قراءة مطلق الكلام قرآنا أو غيره، مما لا مدخل له في صحة الكلام من حيث العربية، إذا علم استنادهم فيه إلى اقتضاء قاعدة التجويد الجارية في مطلق ما يتلى من القرآن والدعاءة فإن مثله ليس من مقومات القرآن - من قبيل حركات البنية وترتيب الحروف والكلمات - ولا من مصححاته في العربية; لأن المفروض كونها غير موجبة للحن في الكلام، ولذا ترى القارئ المتبحر يهملها في المحاورة وعند قراءة عبائر الأخبار والكتب، بل مطلقا عند الاستعجال، ولا يعد لاحنا.