ثم إن هذه الأخبار وإن دل بعضها على كفاية مجرد زوال الحمرة عن المشرق وإن لم تجز عن قمة الرأس، إلا أنه مقيد بما دل على اعتبار جوازها عنها - كما عرفت من رواية سهل، بل صحيحه بكر بن محمد - حيث إن جنان الليل لا يتحقق إلا بعد جواز الحمزة عن قمة الرأس، فظهر بذلك ضعف ما ربما يظهر من بعض من كفاية زوال الحمرة عن المشرق لاطلاق بعض الأخبار المتقدمة.
حجة القول الثاني: الأخبار القريبة من التواتر الدلالة على أن وقت المغرب غروب الشمس أو سقوط القرص، المتحقق لغة وعرفا بسقوط قرصها وغيبوبتها عن الأفق الحسي، كما صرح به في مرسلة علي بن الحكم، عن أحدهما: " أنه سئل عن وقت المغرب؟ فقال: إذا غاب كرسيها، قلت:
وما كرسيها؟ قال: قرصها، قلت: متى تغيب قرصها؟ قال: إذا نظرت إليها فلم تره " (1).
ويؤيدها رواية سماعة، قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام في المغرب:
إنا ربما صلينا، ونحن نخاف أن تكون الشمس باقية خلف الجبل أوقد سترها منا الجبل، فقال: ليس عليك صعود الجبل " (2).
ورواية زيد الشحام، قال: " صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس يصلون المغرب (3) فرأيت الشمس لم تغب، إنما توارث خلف الجبل عن