وهذا مرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر، وقد جوزه بعضهم فعقد له مجلس وأجمعوا على منعه (1) انتهى.
نعم، يوهن ذلك حكاية تجردها المذكورة المشتملة على تصرف القراء في الاعرابات والنقط على ما يوافق مذهبهم في اللغة والعربية، فلا ينفع توجيه التجريد بأن يحمل على أن ضبط رسوم إعراب الكلام في الكتابة لم يكن متعارفا، سواء في ذلك إعرابات أواخر الكلم وحركات موادها من حيث استغنائهم عن ذلك بانطلاق ألسنتهم بها، كانطلاق ألسنة أهل العجم بحركات كلماتهم على مقتضى العادة والجبلة، إلا أن يصرف عنه صارف، كظاهر العطف في لفظة: (ورسوله) - في الآية السابقة - منضما إلى الغفلة عن المعنى، فجروا في كتابة القرآن على مقتضى عادتهم في كتابة غيره.
وبالجملة: إن علم كون الاعراب الخاص المضبوط في المصاحف مأثورا عن مهبطه، فلا إشكال في وجوب اتباعه، وكذا إن أحتمل ذلك; لعدم العلم بكون غيره قرآنا بمادته وصورته.
وأما مع العلم بكونه عن قياس عربي في مذهب بعض القراء، بل وكلهم، فالظاهر عدم وجوب متابعتهم، وجواز القراءة بغيره إذا وافق العربية; لأن الاعراب من حيث هو ليس مقوما للكلام النوعي وإن كان مقوما للشخصي، حيث إنه من أجزائه الصورية كحركات البنية المقومة لهما; ولذا لو قرأ أحد دعاء الصحيفة بأحد إعرابين صحيحين لغة، مع عدم علمه بموافقة الاعراب الذي أعربه سيد الساجدين عليه وعلى آبائه وأبنائه أكمل صلوات المصلين، صدق عليه أنه قرأ دعاء الصحيفة، ولو سلبه عنه أحد كان كاذبا في سلبه،