وإن دل عليه ظاهر النبوي المشهور: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) (1) المصرح به في صحيحة ابن مسلم من أن تارك القراءة لا صلاة له إلا أن يبدأ بها في جهر أو إخفات (2)، وكذا رواية سماعة (3).
ثم إن مقتضى بعض ما تقدم من أدلة المختار: اختصاص البطلان بصورة تعمد الترك، المتبادر منه القصد إليه مع العلم بالوجوب. نعم، الجاهل به عندهم كالعامد، دون الجاهل بالموضوع الذي يتركها لاعتقاد عدم الوجوب في خصوص الموضع، مثل: ما لو صلى بنية الاقتداء فبان عدم الإمام، أو فقد شرط من الشروط المطلقة للجماعة، أو زعم أن الإمام في إحدى الأوليين فلم يقرأ فتبين بعد الركوع أنه كان في غيرهما، ومثله:
ما إذا صلى رجلان نوى كل منهما الائتمام بصاحبه، مع أن الصحة فيما قبل المسألة الأخيرة ثابتة من غير هذه الجهة.
أما في الأوليين: فلما دل على عدم إعادة الصلاة خلف الكافر بعد تبين كفره (4); فإن فحواه يدل على عدم الإعادة خلف من تبين عدم إيمانه، فإذا انضم ذلك إلى ما ورد من أن الإمام المخالف قدام المأموم بمنزلة الجدار (5) بمعنى أن وجوده كعدمه غير مؤثر، دل على صحة الصلاة مع عدم الإمام أو فساد الائتمام، فتأمل.