منها بجهة الكعبة لكل أحد مشكل، بل غايته الظن، وحينئذ فوجه تقديم هذا الظن على الظن الذي يحصله بالاجتهاد بعد خفاء تلك العلامات: إما قيام الاجماع على العمل بها بعد فقد العلم، فيكون ظنا مخصوصا مقدما على مطلق الظن، وإما لأن المراد من الاجتهاد مع خفاء هذه العلامات إعمال الأمارات الظنية الدالة على هذه العلامات; فإن الاجتهاد في يوم الغيم مثلا أو الليل إنما هو بتحصيل الظن بجهة المشرق والمغرب وموضع الجدي وغيره من الكواكب، ولازم ذلك تقديم نفس العلامات على أماراتها؟ لأن الظن الحاصل من نفس الأمارة أقوى من الحاصل من أمارتها; لتعدد احتمال الخطأ في الثاني ووحدته في الأول، فتأمل.
ومما يدل على تقديم هذه العلامات على الاجتهاد الظني: صحيحة زرارة (يجزي التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة) (1). والظاهر، بل المقطوع أن المراد بالعلم بوجه القبلة الذي قدمه الإمام عليه السلام على التحري ليس إلا الاعتقاد الحاصل من إعمال هذه العلامات; إذ لا يوجد غيرها للبعيد غالبا.
ثم إن البينة القائمة على هذه العلامات الظاهر أنها مقدمة على الظن المطلق، بل ربما يقوى جواز الاعتماد عليها مع التمكن من العلم بتلك العلامات; لأنها حجة شرعية كما يشهد به الاستقراء، وحكي وجود نص صحيح على عموم حجيتها (2)، ويظهر من الإيضاح (3) دعوى الاجماع على