قلت: لا يصدق عليه بعد الاتمام أنه قرأ سورة كذا; لما عرفت من الوجهين في أن قراءة سورة كذا لا تصدق إلا إذا كان حين الاشتغال بكل جزء أنه قارئ لسورة كذا ومشغول، وإلا فصدق سورة كذا على المجتمع في الذهن المنقوش فيه من قبل صدقها على المجتمع المنقوش في الخارج.
نعم، لو كانت السورة موضوعة للقطعة المعينة من القرآن المبدوءة ببسملة، استقام ما ذكر، لكن قد عرفت فساد ذلك وأن السورة اسم للقطعة المبدوءة ببسملتها، وإن شئت فاجعل البسملة داخلة في تلك القطعة، وقل:
السورة اسم لإحدى القطعات المشخصة المعينة، فلا بد من امتثال الأمر التخييري بها أن يصدق بعد القراءة أنه قرأ تلك القطعة المشخصة، والعرف لا يحكم بهذا الصدق إلا إذا شرع في تلك القطعة ناويا لها بأول جزء منها.
ثم إنه قد يتوهم دلالة أخبار العدول على جواز الاكتفاء بالبسملة المقصود بها سورة أخرى، وقد يتوهم من رواية المعراج جواز قصد البسملة من غير قصد سورة معينة، حيث إن الله سبحانه أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالتسمية فسمى لا بقصد سورة معينة، ثم أمره بالحمد أو التوحيد (1).
وفساد التوهم الأول يظهر بالتأمل في أخبار العدول، وفساد الثاني بأن قضية المعراج هي السبب لوجوب قراءة تلك البسملة التي أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لأجل التوحيد وهو لا يحصل إلا بالقصد إليه. وأما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يكن البسملة يومئذ مشتركة بين السور، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمى بقصد ما يأمره الله من السور أو بقصد الامتثال، ولم يكن هو صلى الله عليه وآله وسلم مكلفا بسورة من السور حتى يكون إهمال