(والأخرس يحرك) مع الصوت (لسانه) بالمعنى الأعم من لهواته وشفتيه بالقراءة (ويعقد قلبه) بها، بأن ينوي كونها حركة قراءة; لأن الحركة بنفسها تصلح لغيرها، كما في الروض (1) وجامع المقاصد (2) مفسرين به كلام كل من اشترط عقد القلب بمعناها، وهو حسن بالنسبة إلى من يعرف أن في الوجود كلاما وقراءة ولا يعرف أزيد من ذلك.
وأما من سمع ألفاظ القراءة وأتقنها بل تكلم بها مدة: فالظاهر عدم الاكتفاء بمجرد نية كون الحركة حركة قراءة، بل لا بد من تطبيق الحركة على حروف القراءة جزءا فجزءا بحيث يكون صوته بمنزلة كلام غير متمايز في الحروف (3); لأنه المقدور في حقه من القراءة، بل هي منه قراءة عرفا.
كما أن من لا يعرف أن في الوجود ألفاظا وقراءة وصوتا، كما في غالب الأخرس الخلقي، فلا يبعد وجوب عقد قلبه عند تحريك اللسان بمعنى آيات القراءة، إذا أمكن إفهامه إياها، ولا بعد في وجوب ذلك عليه وعدم وجوبه على غير الأخرس; لأن التلفظ بالألفاظ المستقلة في الدلالة على المعاني مغن عن عقد القلب بمعناها، بخلاف حركة اللسان التي لا تعد قراءة ولا قدرا ميسورا منها. فيجب القصد تفصيلا إلى المعنى ليكون حركة لسانه مع هذا القصد بمنزلة تلفظ غيره، ولا ريب في أن هذا منه أقرب إلى القراءة من حركة اللسان ناويا أنها القراءة التي لا يعلم أنها من أي مقولة.