وهل يجب أن يقصد بهذه الأبدال كونها تلك الأفعال؟ ظاهر جماعة (1) نعم; لأصالة الاشتغال، ولأنه لا يعد التغميض مثلا ركوعا والفتح قياما إلا بالنية، إذ لا ينفك المكلف عنهما غالبا فلا يصيران بدلا إلا بالقصد، ولأن هذه الأمور كما لا يخل نقصانها وزيادتها في الصلاة الصحيحة، كذا لا يخل بالناقصة استصحابا لحكمها، ولا شك أن ما هو بدل عن الركوع والسجود يخل نقصانه وزيادته قضية للبدلية، فلا بد أن يكون ما هو ركن مغاير لما ليس بركن، وليست المغايرة إلا بالنية، ولأن مفهوم الايماء لا يتحقق ظاهرا إلا بالنية فكأنها منصوص عليها في أدلة الايماء.
وفي الكل نظر; لورود إطلاقات الأدلة على أصالة الاشتغال، وعدم اشتراط القصد في البدلية، كما في الركوع جالسا; لصيرورتها أفعالا في تلك الحالة، فيكفي في نيتها نية أصل الصلاة كالأفعال الأصلية.
والفرق - بأن الأفعال الأصلية متعينة متميزة ليست عادية فلا تفتقر إلى نيات تخصها، بخلاف هذه فإنها مشتركة بين العادة والعبادة; فلا بد من النية لتعين العبادة - مردود: بأن صيرورة الأفعال الأصلية عبادات إنما هي لأجل قصد التعبد بها في الصلاة المنوية عبادة، وإلا فهي في حد ذاتها حركات عادية للمكلف كأبدالها وإن كانت الأبدال في حد ذاتها أغلب صدورا من المكلف، فإذا قصد التعبد بتلك الأبدال في ضمن نية الصلاة خرجت من العادة إلى العبادة (2).