ومنها: ما رواه عن علي بن سويد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: إني مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها، فقال: يا علي لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق، وإياك والزنا فإنه يمحق البركة ويهلك الدين. (1) حيث إن المستفاد من الجواب هو جواز النظر العاري عن كذب الريبة والشهوة.
والقدر المقطوع من ذلك هو الوجه والكفان، لخروج ما عداهما بالاتفاق.
وفيه: أن المراد من الابتلاء هنا ليس الاشتياق المانع عن الترك بحيث يكون مصب السؤال هو الاعتياد بالنظر المعجب، ويكون مفاد الجواب هو تجويزه، لأن ذلك حرام قطعا واتفاقا، بل المراد منه هو الابتلاء المنتهى إلى النظر للجوار في المسكن بأن يكون مجاورا لها في الدار، أو للاعتياد في التجارة بأن يكون بائعا لأمتعة تشتريها منه، أو لغير ذلك، فيقع النظر إليها قهرا أو اختيارا وتعمدا عن ضرورة، لكونها ممن تشتري المتاع منه كل يوم مثلا.
كما أن المراد من الاعجاب ليس هو المقارن للنظر لحرمته بالاتفاق حتى ممن استثنى الوجه والكفين، بل هو الاعجاب اللاحق عقيب النظر بتجسم صورتها الخيالية، فيكون وزان الاعجاب هنا وزان العجب بعد الصلاة، فيحتمل أن يكون مصب السؤال هو حكمه، كما سئل عن العجب اللاحق للعمل.
فيحنئذ اتضح أن المسؤول عنه هو لزوم التحفظ وقطع الربط المنتهي إلى النظر قهرا أو اختيارا عن ضرورة الكسب ونحوه، فأجاب عليه السلام بنفي البأس وعدم لزوم التحفظ الكذائي بقطع الربط إذا علم من نيته عدم الانتهاء إلى الفاسد وأن الاعجاب اللاحق لا يتعدى عن طور الخيال إلى عالم الخارج، فلا مساس لهذه الرواية باستثناء الوجه والكفين، بل ظاهرها جواز النظر قهرا أو عمدا عن ضرورة مع