وتعالى " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه، إلى أن قال عليه السلام: فهذا من فرض الله على العينين من غض البصر... الخ (1).
حيث إن الاستدلال على تحريم أصل النظر بالأمر بالغض في الكريمة يشهد بأن ليس المراد هو النظر الخفيف بل تركه رأسا، ولما كان التناسب بين الحكم والموضوع من أقوى الأمارات على انحدار ذلك الحكم نحو مسير خاص فلا مجال لتوهم لزوم تخصيص الأكثر، إذ ليس المراد هو غض البصر عن جميع الأشياء من الإنسان والحيوان والنبات وغير ذلك، بل المراد بقرينة تقابل الآيتين وبمعونة استدلال المعصوم عليه السلام هو الغض عن غير المماثل مطلقا، وعن خصوص عورة المماثل.
نعم لو دل دليل على جواز النظر إلى الوجه والكفين لكان ذلك تخصيصا، وهكذا نحوه من موارد الاستثناء.
وأما خروج مثل الجدار ونحوه فبالتخصص حسب التناسب المذكور.
ولا يناقش في السند باشتماله على " بكر " مثلا إذ ليس المقصود عدا الاستشهاد به لبيان أن المعنى السابق إلى الذهن من الغض - في مثل المقام - هو الكناية عن ترك النظر رأسا، ومن المعلوم: أنه لو أريد الجعل والاختلاق لكان على النهج الدارج، فعلى فرض ضعف الرواية أيضا يتم المقصود، فتبصر.
ومن ذلك: ما رواه عن سيف بن عميرة عن سعد الإسكاف (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال: استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة، وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه بيني فلان فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه، فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله