قالت: ليس علي قناع، فقال: يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنعي به رأسك، ففعلت، ثم قال: السلام عليك، فقالت: وعليك السلام يا رسول الله، قال: أدخل؟
قالت: نعم يا رسول الله، قال: أنا ومن معي؟ قالت: ومن معك، قال جابر: فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودخلت، وإذا وجه فاطمة عليها السلام أصفر كأنه بطن جرادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما لي أرى وجهك أصفر، قالت: يا رسول الله الجوع، فقال رسول الله صلى الله وآله وسلم: اللهم مشبع الجوعة ودافع الضيعة أشبع فاطمة بنت محمد، قال جابر: فوالله لنظرت إلى الدم ينحدر من قصاصها حتى عاد وجهها أحمر، فما جاعت بعد ذلك اليوم (1).
لا ريب في صراحتها في وقوع النظر إلى وجه فاطمة عليها السلام ولا يمكن حمله على القهري منه بشهادة الذيل على اختياريته ودقته، وحيث إن جابر بن عبد الله من الصحابة الأتقياء سيما كونه ممن يروي عنه أبو جعفر عليه السلام وكان ذلك في حضور الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يكشف ذلك كله عن الجواز، وإلا لردعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولوبخه الوصي ولا أقل من عدم النقل عنه.
وفيه أولا: إن عمرو بن شمر ممن ضعفه النجاشي، وجعله العلامة (ره) في الخلاصة من قسم الضعفاء، واستنتج أخيرا عدم الاعتداد بروايته، ولم يحرز اعتماد الأصحاب المجوزين للنظر إلى الوجه على هذه الرواية حتى يجبر الوهن مع أنها لخصوص الوجه دون غيره.
وثانيا: إن المتن غير خال عن الحزازة وما لا يطمئن به النفس: من أن فاطمة عليها السلام ما جاعت بعد ذلك اليوم مع اشتمال التواريخ المستفيضة المعتبرة على تكرر جوعها عليها السلام إيثارا.
وثالثا: إن تاريخ وقوع هذه الحادثة غير معلوم، فلعله قبل نزول آية الحجاب