وحيث إن الاجماع ونحوه على فرض اعتباره دليل لبي لا نطاق له، لا يمكن توسيع محتواه وتكثير نتاجه، ولهذا - ولغيره - لا مجال لتطور الفقه وتكامله على مبني عدم اعتبار الخبر الواحد.
- 16 - إذا تبين اتحاد مقالتي السيد المرتضى المتقدم على الشيخ الطوسي وابن إدريس المتأخر عنه يتضح النبوغ العلمي الذي ناله الشيخ - رحمه الله - أولا، وكذا سر تكامل الفقه في مدرسته دون مدرستهما ثانيا.
وأيضا لما تبين أن من أهم عوامل تطور الفقه هو القول بحجية الخبر الواحد على طريق الأصوليين لا على سبيل الأخباريين يظهر سر تكامل الفقه في مدرسة العلامة الحلي والشهيدين والأستاذ الأكبر وصاحب الجواهر والشيخ الأنصاري من المتأخرين ومن اقتدى بهم ومشى مشيهم. دون مدرسة غيرهم ممن يمشي مشي الأخباريين.
ولذا قال العلامة - قدس الله نفسه الزكية - في كتابه القيم: منتهى المطلب في تحقيق المذهب: "... فشرعنا في عمل هذا الكتاب المحتوي على المسائل اللطيفة والمباحث الدقيقة الشريفة وإن كان أصحابنا المتقدمون وعلماؤنا السابقون - رضوان الله عليهم - قد أوضحوا سبيل كل خير ونهجوا طريق كل فائدة خصوصا شيخنا الأقدم والإمام الأعظم المستوجب للكرامة والمستحق لمراتب الإمامة:
أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي - قدس سره - فإنه الواصل بنظره الثاقب إلى أعظم المطالب، ولما انتقل إلى جوار الرحمن ونزل ساحة الرضوان درس هذا العلم، وبعده طمست معالمه وأمحت مراسمه ولم يتعلق المتأخرون بفوائد، ولم يغترفوا إلا من بحر فرائده، ولم يستضيئوا إلا بأنواره، ولم يستخرجوا إلا درر نثاره، إلا