فيستفاد من ذلك كون العورة بمعنى السفلين هو المرتكز في الذهن، ومصب الاستشهاد بها هو هذه الفقرة منها، وإن كانت هذه الرواية مما تخيل معارضته لأصل الوجوب. هذا كله حسب الدليل الاجتهادي، الدل على مقالة الأصحاب (ره).
وعند انتهاء الأمر إلى الشك يحكم بالبراءة عن وجوب الأكثر والاكتفاء بالمقطوع وهو الأقل أعني خصوص القبل والدبر، فلا اتجاه لمقالة غيرهم.
ثم إنه قد يستدل لمقالة الأصحاب (ره) بروايات غير خالية عن الضعف، ولا احتياج إليها بعد ما مر، كما أنه قد يستدل لمقالة غيرهم بما هو كذلك أيضا، فلا بأس بالإشارة إلى ذلك وإلى العلاج ورفع ما يتخيل من التعارض.
فمن الروايات المحددة بما هو المشهور: ما رواه عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابه عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: العورة عورتان: القبل والدبر والدبر مستور بالأليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة (1).
حيث إنها دالة على خروج ما ذكر عن حد العورة وعلى عدم وجوب ستره.
وقريبة منها مرسلة الكليني (2) ومرسلة الصدوق (3) قال: قال الصادق عليه السلام: الفخذ ليس من العورة، ونحوها رواية الميثمي (4).
ومنها: ما رواه عن عبد الله المرافقي أنه دخل حماما بالمدينة فأخبره صاحب الحمام أن أبا جعفر عليه السلام كان يدخله فيبدأ فيطلي عانته وما يليها ثم يلف إزاره على أطراف إحليله فأطلي سائر بدنه (5). فيدل على عدم وجوب ستر ما زاد عن أطراف الإحليل قطعا، وأما وجوب جميع ما لفه من الأطراف فلا، نعم أصل القبل مقطوع الحكم. ولا اعتداد بالسند بعد عدم اتضاح صاحب الحمام أنه من هو؟