ثانيا: على التسليم يكون أقصى ما يستفاد منها هو عدم دلالة النبوي المعروف على حرمة النظر وعدم إرادة هذا المعنى منه، وأما أنه يجوز النظر إلى عورة الغير فلا البتة.
فحينئذ تبقى الأدلة الأخر عدا النبوي سالمة عن المعارضة ومصونة عن النقاش، ولو كان هذا الحمل خلاف الظاهر أيضا للزم ارتكابه جمعا بين النصوص.
ومما يعارض ما مر ما رواه عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد، عن الصادق عليه السلام في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قال: إن الله كره لأمتي... دخول الحمام إلا بمئزر (1). وفيه أنه لا ظهور له في الكراهة الاصطلاحية أولا، وعلى التسليم لا وجوب للمئزر بما هو، فيمكن الحمل على استحبابه، لكونه أوسع من ساتر غيره ولربما انكشف لصغره بخلاف المئزر لاتساعه، ولعله أيضا لرعاية ما في الماء من السكان.
وما رواه عن ابن أبي يعفور، عن الصادق عليه السلام إذ فيه: سئل الصادق عليه السلام أيتجرد الرجل عند صب الماء... الخ قال: كان أبي بكره ذلك من كل أحد (2).
وفيه احتمال الحرمة من الكراهة أولا، مع ما في الاستناد إلى أبيه عليه السلام من احتمال التقية ثانيا، واعراض الأصحاب عن ذلك الموجب لوهنه ثالثا، فالمعارض قاصر، فما عن بعض المتأخرين من احتمال جواز النظر وعدم وجوب الحفظ لولا مخالفة الاجماع غير سديد.