والمستفاد منها كلا الحكمين المتلازمين: من حرمة النظر ووجوب الحفظ فعلى الغير أن يغض بصره لحرمة النظر عليه، وعلى الشخص نفسه أن يحفظ فرجه لوجوب عدم التمكين عليه، وأما الذيل فلعله نكتة وحكمة للحكم من دون علية له، إذ قد ينفك النظر عن الايقاع في الفعل كما في المتماثلين حيث لا سببية للنظر إلى عورة الرجل للزنا ولا لغيره إذا كان الناظر رجلا مماثلا له.
ومن تلك النصوص ما رواه عن حنان بن سدير عن أبيه قال: دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما بالمدينة فإذا رجل في البيت المسلخ فقال لنا: من القوم؟
إلى أن قال: ما يمنعكم من الأزر؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام، قال: فبعث أبي إلى عمي كرباسة فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منا واحدا، ثم دخلنا فيها (إلى أن قال:) فسألنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام (1).
وظاهرها لزوم الحفظ وعدم التمكين ملازما لحرمة النظر، ولما كان النظر حراما حثهم وحرضهم على الإزار قائلا: ما يمنعكم من الأزر.
وما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أبي جعفر عليه السلام: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر (2).
وما رواه عن أبي الحسن عليه السلام قال: لا تدخل الحمام إلا بمئزر وغض بصرك، (3) فتدل على ذينك الحكمين المتلازمين: من لزوم الحفظ وحرمة النظر أو وجوب الغض عن عورة الغير، حيث إنها المقطوع بها عند حذف المتعلق. إلى غير ذلك من النصوص الأخر البالغة حد الاستفاضة، بحيث يشرف الفقيه على الاطمئنان بصدورها في الجملة وحجية نطاقها كذلك، فهي على اختلاف ألسنتها دالة على ما أشير إليه