الفقهي ولذا بلغ في صغره ما لم يبلغ غيره في كبره، وفي شبابه ما لم يبلغه غيره في كهولته، وفي كهولته ما لم يبلغ غيره في شيخوخته، حيث كان عمره - قدس سره - حين تصنيف كتابه المعروف بالمنتهى اثنين وثلاثين سنة. قال في المقدمة التاسعة من مقدمات كتاب منتهى المطلب:
" لما رأينا أن الغالب على الناس في هذا الزمان الجهل وطاعة الشهوة والغضب والرفض لادراك المعاني القدسية وترك الوصول إلى أنفس المعارج العلوية...
حتى أتى في مدة عمرنا هذا وهو اثنان وثلاثون سنة لم يشاهد من طلاب الحق إلا من قل، ومن القاصدين للصواب إلا من جل أحببنا اظهار شئ من فوائد هذا العلم... (1).
أقول: هذا يشبه قول شيخ الاشراق الذي تقدمه حيث قال: في خاتمة المطارحات بعنوان الوصية ما هذا لفظه:
ولولا انقطاع السير إلى الله في هذا الزمان ما كنا نغتم ونتأسف هذا التأسف وهو ذا قد بلغ سني إلى قرب من ثلاثين سنة وأكثر عمري في الأسفار والاستخبار والتفحص عن مشارك مطلع ولم أجد من عنده خبر عن العلوم الشريفة ولا من يؤمن بها... (2) فتحصل أن تطور أصول الفقه وتكامله في القول بحجية الخبر الواحد قد أثر أثرا بالغا في تحول الفقه وتكثير فروعه، كما أن له أيضا تأثيرا تاما في حل المسائل المستحدثة بارجاعها إلى القواعد الفقهية أو العمومات أو الاطلاقات المستفادة من ألفاظ الأخبار بالوضع أو بمقدمات الحكمة.
وليس في وسع الاتكال على الاجماع أو السيرة أو الشهرة أو ما إلى ذلك مما كان السيد - قدس سره - وموافقوه يميلون إليه ويعتمدون عليه أن يتكفل