زمان عمر وغيره من الخلفاء، لم يمكنهم عليهم السلام القدح في ذلك، فأمروا بالتياسر لأجل ذلك، وعللوه بالوجوه الخطابية لاسكاتهم وعدم التصريح بخطأ الخلفاء.
وما ذكره أصحابنا من أن محراب مسجد الكوفة صلى فيه أمير المؤمنين عليه السلام ولا يجوز الانحراف عنه، إنما يثبت إذا علم أن الإمام عليه السلام [بناه] (1)، ومعلوم أنه عليه السلام لم يبنه، أو صلى فيه من غير انحراف، وهو أيضا غير ثابت، بل ظهر من بعض ما سنح لنا من الآثار القديمة عند تعمير المسجد في زماننا ما يدل على خلافه، كما سنذكره في المزار (2)، مع أن الظاهر من بعض الأخبار أن هذا البناء غير البناء الذي كان في زمن أمير المؤمنين عليه السلام، بل ظهر لي من بعض الأدلة والقرائن أن محراب مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة أيضا قد غير عما كان في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم; لأنه على - ما شاهدنا في هذا الزمان - موافق لخط نصف النهار، وهو مخالف للقواعد الرياضية من انحراف قبلة المدينة إلى اليسار قريبا من ثلاثين درجة، ومخالف لما رواه العامة والخاصة من أنه صلى الله عليه وآله وسلم زويت له الأرض ورأي الكعبة، فجعله بإزاء الميزاب (3) فإن من وقف بحذاء الميزاب يصير القطب الشمالي محاذيا لمنكبه الأيسر ومخالف لبناء بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي دفن فيه، مع أن الظاهر أن بناء البيت كان موافقا لبناء