فتبقى العبارة خالية عن ذكر العلم بالجهة التي هي قبلة البعيد، والبلوى بها أعم.
إلا أن يقال: إيجاب التعويل على تلك العلامات، مع فرض إفادتها العلم بالجهة (و)، الحكم بأنه (يجتهد مع الخفاء) (1) أي خفاء تلك العلامات، في قوة التصريح بأنه يجب على من فقد العلم بالعين - كالبعيد - العلم بالجهة بإعمال تلك العلامات، ومن فقد ذلك يجتهد في الأمارات الموجبة للظن بالجهة.
ويمكن - أيضا - ابتناء الكلام على عدم كون العلامات مفيدة للعلم لأغلب الناس لعدم اطلاعهم على وجه دلالتها على الجهة، بل هذا مخفي على من عدا الرصدي الدقيق، المباشر لملاحظة طول البلد وعرضه بالنسبة إلى طول مكة زادها الله شرفا وعرضها، فيكون مرجع جل الناس في ذلك إلى قول أهل الرصد، وقولهم لا يفيد إلا الظن! لأن فنهم علم دقيق لا يؤمن فيه الخطأ في الأحكام والاشتباه في الموضوعات والمحاسبات وغيرها.
بل ربما حكي عن بعض (2) أنه قال - وأفرط فيما قال -: إن شيئا من كلامهم لا يفيد علما ولا ظنا، ولا وثوق لنا بإسلامهم فضلا عن عدالتهم، فكيف يحصل لنا علم أو ظن بصحة ما يلقونه إلينا من قواعدهم؟!
وهذا القول وإن كان مصادما للوجدان إلا أن دعوى حصول العلم