يحصل العلم بالترتيب بعد الفراغ كما يحصل العلم بالقبلة.
لكن الانصاف أن هذا لم يثبت بدليل تطمئن به النفس كما بيناه في مسألة ما لو تمكن من الصلاة في ثوب طاهر يقيني فهل يجوز الاتيان بصلاتين في ثوبين مشتبهين؟ ولو سلم ذلك، كما يظهر كونه مفروغا عنه بين الأصحاب، فهو مختص بما إذا كان الاقتصار على العلم الاجمالي بإحراز الشروط مستلزما لتكرار العبادة، الذي هو غير معهود في الشريعة مع التمكن من واحد معلوم تفصيلا مع كونه أنسب بمقام العبودية بأن يعلم حين الاشتغال بكون ما اشتغل هو الذي أريد منه. وأما إذا كان التكرار حاصلا من جهة غير فقد الشرط مما لا يمكن إحرازه تفصيلا فلا دليل على لزوم العلم التفصيلي من جهة سائر الشروط؟ لأن المفروض عدم التمكن من العلم التفصيلي بالماهية المطلوبة بحيث يعلم عند الاشتغال أنها هي المطلوبة منه كما لا يخفى.
فإن قلت: إذا شك في براءة ذمته عن الظهر فالأصل عدم البراءة، فكما لا يجوز الدخول في العصر المقطوع ولا المحتمل مع القطع بعدم البراءة فكذلك مع الشك فيها.
قلت: المانع من الدخول في العصر المقطوع أو المحتمل عند القطع بعدم البراءة عن الظهر إنما هو للقطع باختلال الترتيب في الأول واحتماله في الثاني، وهذه العلة إن وجدت مع الشك منعت من الدخول، كما لو صلى العصر إلى جهة غير ما صلى الظهر إليها، ولو انتفت - كما فيما نحن فيه - لم يكن مانع عن الدخول. وقد تقرر في باب الاستصحاب أن الحكم في السابق إذا كان معللا بعلة قطع بانتفائها في زمان الشك، فلا يجري الاستصحاب لاحتياج الحكم إلى علة أخرى. نعم، لو كان فرضان مرتبان بحيث لا يحدث التكليف بالثاني