الاختلاط في بعض الموارد فداء للاختلاط في بعضها الآخر، فحكم بالمنع مطلقا لشدة الاهتمام.
وأما الثاني: فكما يحكم المقنن اليومي في المملكة حكما عاما بعدم ورود أحد من المملكة الخارجة أصلا، لئلا يدخل من هو عين من عيون الأعداء فيخبرهم بما أعدلهم ما أستطيع من قوة، ولم يجعل تشخيص هذا الملاك بيد من أمره بسد الباب ومنع الورود، إذ يمكن أن يخطئ في التشخيص عند تلبس ذاك العين بلباس الفقيه الورع، فيصيب المملكة بما صنع قارعة وهلاك.
والحاصل: أن لحاظ الأمر الهام ملاكا لقانون عام - وإن يتخلف أحيانا عن بعض موارده - معهود شرعا وعرفا.
نعم: لو لم يبلغ ذاك الأمر نصاب الاهتمام الشديد لأمكن الترخيص في موارد قد يتفق صدفة بعضها بذاك المحذور، نحو ما حكم باليأس وعدم الاعتداد في سن خاص، لأن المقنن لما رأى ندرة الحبل بعد بلوغ المرأة ذاك الحد من السن جدا حكم بعدم الاعتداد تسهيلا على العباد، فما يشاهد من حبل اليائسة أحيانا فهو غير ناقض للحكم العام، إذ الشرع السمح قد يجعل النادر كالمعدوم، وذلك فيما لا يفوت معه أمر يعنيه ويهمه، كما أن التعارف قد استقر على الاعتناء بخبر الثقة والاتكال على ما ينقله من الحس أو ما هو في تلوه مما له مباد قريبة من الحس وإن أمكن الخطأ أحيانا، إذ الغالب هو الإصابة، ومن المستقر في الغريزة: أن ترك الإصابة الكثيرة للخطأ القليل النادر خطأ كثير.
وليكن هذا لأمر النافع على ذكر منك، حتى يتبين في ضوئه: أن النظر بداعي اللذة أو الريبة محرم مطلقا، سواء كان المنظور إليها أجنبية أو محرما، مماثلا أو غير مماثل.
فيلزم النظر المستأنف في روايات الباب، لأن حرمة النظر الكذائي إلى