عند فقدها. وأما عند الشك: فإن أمكن إحراز عدمها بالأصل فهو مقدم على غيره من الأصول الحكمية ونحوها مما هو متأخر عن الاستصحاب الموضوعي، وإلا ينتهي الأمر إلى غيره، مثلا لو توقفت حلية الأكل على التذكية، فأما أن يكون ذاك الحيوان حال الحياة محرم الأكل بالفعل، أو لا.
فعلى الأول: يكون في ذاك الحيوان خبث موجب لحرمة لحمه لا يزول إلا بالتذكية، نظير الخبث الذي لا يزول إلا بالتطهير، فما لم يتحقق ذاك المزيل يحرم أكل لحمه - كالسمك الحي ونحوه من الحيتان الصغار - فلا يجوز أكلها حيا، ولما كانت التذكية حالا مسبوقة بالعدم يقينا فبعد الموت وزهوق الروح يشك في تحقق ذاك المزيل وعدمه، فيحكم ببقائه على ما كان من العدم، فينتج حرمة الأكل، فيكون مقدما على أصالة الحل تقدم الأصل السببي على الأصل المسببي، والموضوعي على الحكمي.
ولا فرق في هذا الحكم، بين أن يكون التذكية أمرا بسيطا مولودا من الأسباب والأفعال الخاصة كالطهارة المحصلة من الغسل والمسح، وبين أن يكون مركبا من تلك الأفعال الخاصة، إذ على أي تقدير كانت مسبوقة بالعدم فالآن كما كانت، وإن كان بينهما فرق نشير إليه.
وأما على الثاني: فذاك الحيوان وإن لم يكن محرم الأكل حال الحياة بل جاز بلعه حيا - كالسمك الحي الصغير مثلا - ولكن لما لكان محرما بعد الزهاق والموت، فلجريان الأصل الموضوعي حينئذ مجال، إذ لا يلزم في جريه أن يكون للمستصحب أثر شرعي حدوثا وبقاء، بل يكفيه الأثر في خصوص البقاء وإن خلي عنه حدوثا، وذلك لحصول ما به يصان التعبد عن اللغوية، وحيث إن الحرمة مترتبة على جزئين: أحدهما زهوق الروح، والآخر فقد التذكية - بنحو التركيب لا التقييد - وقد أحرز الأول بالوجدان وأمكن إحراز الثاني بالأصل، فيترتب ذاك الحكم، بلا تفاوت فيه أيضا بين معنيي التذكية، لأن كل واحد منهما كان