وأما إذا لم يكن كذلك فلا يجديه الذبح، وهذا باجماله واضح، وإنما الكلام في قوله عليه السلام " وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكي " فهل المراد هو العموم المستوعب لكل جزء استغراقا، أو العموم المجموعي؟ لا سبيل للعموم الاستيعابي لأن غير واحد من الأمور المصرحة فيها غير قابل للتذكية - كالبول والروث واللبن - فلا مجال لدوران الحكم مدار العلم بتذكيتها وعدمه، ولا يمكن إخراجها عن عموم (كل شئ) لإباء مثل ذلك عنه، إذ العام وإن يصلح للتخصيص ولكن في غير الأفراد المصرحة في المورد.
نعم: لا ضير في إرادة العموم المجموعي، فعند العلم بتذكية ذاك الحيوان المحلل الأكل تصح الصلاة في أي جزء من أجزائه، وإليه يؤول ما لو قيل:
بالجواز عند العلم بتذكية مجموع تلك الأمور من حيث المجموع، والمفهوم حينئذ نفي العموم لا عموم النفي، بخلافه على الأول.
وفي البين احتمال ثالث، وهو أن يكون المنع عند عدم العلم بالتذكية لأجل النجاسة الذاتية كما في اللحم ونحوه، أو العرضية كما في الوبر والشعر ونحوهما مما يلاقي ذاك النجس.
ويبعده دوران الحكم مدار التذكية وعدمها الظاهر في كون المنع لفقدها، لا لأمر آخر أجنبي، ولذا صرح في الذيل بالمنع وإن ذكاه الذبح إذا لم يكن مأكول اللحم. وعلى تسليم الاجمال لا يضر، لأن مساق الحديث هو أمر آخر - كما مر - ولا إبهام فيه.
ثم إن الظاهر: أن المدار هو التذكية التي يختلف المراد منها باختلاف الموارد: من الذبح، والنحر، والخروج من الماء حيا عند حضور المسلم، فلا اختصاص لذلك بالذبح وإن صرح به فقط، لأنه من باب التمثيل لا التعيين، إذ لا ريب في صحة التعدي إلى النحر، فيتعدى أيضا إلى الخروج من الماء حيا عند المسلم كما في الحيتان، إذ المدار هو التذكية المختلفة باختلاف الموارد.
ومنها: ما رواه عن علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام أو أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء والصلاة فيها؟ فقال: لا تصل فيها إلا ما كان منه ذكيا، قلت: