يذكر خصوص تحصيل سعادة الآخرة غاية للفقه كما في الذكرى (1) من دون اختصاص بها. والدنيا والآخرة وإن كانتا ضرتين بمعنى، ولكنهما متلازمتان بمعنى أدق فلا يمكن انفكاك سعادة إحديهما عن سعادة الأخرى. فلذا أدبنا القرآن الكريم بأن ندعو الله سبحانه بما علمنا من قوله تعالى: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (2).
- 7 - حيث أن الفقه لتحصيل سعادة الدنيا والآخرة، ومن المعلوم أن السعادة لا تحصل بمجرد العلم به، فلا يكفي في تحققها تعليم الفقيه وإفتاؤه، كما لا يكفي فيه تعلم المقلد واستفتاؤه، بل حصول السعادة متوقف على العمل به، ومن الواضح أن كثيرا من المسائل الفقهية ترجع إلى الحكومة الإسلامية، كما أن من أهم مناصب الفقيه الصائن لنفسه التارك لهواه المطيع لمولاه، هو التصدي لمنصب الحكومة الإسلامية التي لا يحكم فيها إلا الله دون غيره: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " (3).
ومعلوم أن التصرف في النفوس والأموال العامة والخاصة والأنفال وغير ذلك من شؤون الولاية الإلهية التي آتي رسول الله صلى الله عليه وآله الأئمة المعصومين عليهم السلام إياها، فالولاية لهم أولا حتى في زمن الغيبة.
ثم إنهم عليهم السلام قد نصبوا الفقيه الجامع للشرائط منصب التصدي للحكومة