القطب الشمالي ست وستين درجة، وهذا مجموع عرض الربع المسكون إن ابتدئ به من خط الاستواء، وعلى القول الآخر يزيد عليها ست عشرة فيصير اثنتين وثمانين درجة.
إذا عرفت ذلك، فطول كل بلد عبارة عن قوس من معدل النهار محصور بين دائرة نصف نهار ذلك البلد ونصف نهار آخر طرف العمارة من الجانب الغربي، وعرض كل بلد عبارة عن قوس من دائرة نصف النهار فيما بين معدل النهار وسمت الرأس، وطول مكة من جزائر الخالدات على ما حكاه غير واحد من أهل الرصد سبعة وسبعون جزءا وعشر دقائق، هي سدس جزء وعرضها من خط الاستواء إحدى وعشرون جزءا وأربعون دقيقة هي ثلثا جزء، فحينئذ فكل بلد كان عرضه أكثر من مكة تكون مكة زادها الله شرفا واقعة في طرف الجنوب من ذلك البلد فإن وافقها في الطول كانت مكة واقعة في نقطة الجنوب من ذلك البلد ويكون القطب الشمالي بين كتفي المستقبل والمشرق والمغرب الاعتداليان على منكبيه وعين الشمس عند الزوال مائلة إلى عينه اليمنى، وإن زاد طوله على طولها انحرفت قبلته عن نقطة الجنوب إلى المغرب بمقدار تفاوت الطولين، وإن نقص عنه انحرفت عنها نحو المشرق كذلك، وحينئذ فكل بلد طوله أكثر من بلد آخر يكون انحراف قبلته نحو المغرب أزيد، إلا أن يكون عرضه أقل منه.
وقس على ما ذكرنا حال البلاد التي هي أقل عرضا من مكة، فإن قبلتها شمالية مستقيمة إن ساوى طولها طول مكة، وإن زاد عليها لزم الانحراف نحو المغرب وإن نقص لزم الانحراف نحو المشرق.
ومما ذكرنا ظهر أن العلامات الثلاث المذكورة في كلام المصنف