ما بين نقطتي المغرب والجنوب، وقوى في المقاصد العلية (1) الوجه الأول بعد أن نفى البعد عن الثاني مع مبالغته في الروض (2) في نفي الوجه الثاني.
والانصاف: أن كلا من الوجهين في غاية البعد.
أما الأول: فلأنه مضافا إلى كونه إجمالا في مقام البيان، بل إغراء بخلاف الواقع، مناف لما نسب إلى الأكثر، ومنهم المصنف والمحقق قدس سره من اتحاد قبلة خراسان والعراق، فإن شيئا من العلامات الثلاث لا ينطبق على بلد ينحرف قبلته إلى المغرب قريبا من نصف ما بين نقطتي الجنوب والمغرب.
وأما الثاني: فلرجوعه في الحقيقة إلى عدم وجوب المسامتة على البعيد، وما ذكر من أن مسامتة البعيد لا يؤثر فيها هذا الاختلاف مخالف للمحسوس، فإن من استقبل في بلده نقطة الجنوب وعلم أن مكة زادها الله شرفا متوسطة فيما بين نقطتي الجنوب والمغرب فهو غير مسامت لمكة قطعا.
ولو جاز هذا المقدار من التياسر عن مكة مسامحة لزم جواز مثله في التيامن عنها، فيجوز لهذا الشخص استقبال نقطة المغرب; إذ المفروض أن نسبة نقطتي المغرب والجنوب إلى مكة في هذا الفرض قريبة من التساوي أو متساوية، مع أنهم حكموا ببطلان العبادة مع التقريب المحض ووجوب الإعادة فيما لو ظهر ذلك بعد ظن المطابقة فضلا عما لو تعمده، فتأمل.
هذا كله، مع أن سياق كلماتهم في بيان هذه العلامات كل ظاهرة في المداقة آبية عن المسامحة، ولذا خصوا موضع الجدي بحذاء المنكب الأيمن، ولا يطلقوا