وكيف كان: إن مفاد الذيل هو نفي الإعادة عند الجهل بالموضوع. وأما (النضح) في مفروضه الأخير فهو محمول على الندب. والعلاج بينها وبين قاعدة (لا تعاد) - على تقدير التعارض - بالتقييد المتقدم بيانه.
ومنها: ما رواه عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من الإنسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته؟ قال:
إن كان لم يعلم فلا يعيد (1).
إن ظاهر المنطوق هو نفي الإعادة عند الجهل بالموضوع، فمن صلى في النجس جاهلا به فلا شئ عليه، بعد إلقاء الخصوصية عن العذرة والتعدي إلى غيرها من النجاسات.
وأما المفهوم: فمفاده الإعادة عند العلم به المحمول على ما عدا التعمد، إذ لا وجه للشروع في عمل يعلم بفساده، فمن جهل بالنجاسة أو علمها ولم يعلم بمانعيتها عن الصلاة أو اشتراطها بالطهارة فهو مندرج تحت المفهوم، فعليه الإعادة - كما مر نعم: يستثنى من ذلك ما يكون الجهل مستندا إلى أصل أو أمارة مثلا، كما يأتي.
ومنها: ما رواه عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى في ثوب رجل أياما ثم إن صاحب الثوب أخبره أنه لا يصلي فيه؟ قال: لا يعيد شيئا من صلاته (2).
لامساس لهذا النص بما نحن فيه، إذ لا اتضاح له من حيث كون اجتناب صاحب الثوب عن الصلاة فيه لماذا، هل هو للنجاسة؟ أو لأنه مما لا يؤكل لحمه؟
أو للميتة بما هي ميتة وإن كانت طاهرة، كميتة غير ذي النفس؟ أو لغير ذلك من المحتملات؟ فهو أجنبي عن المقام.
ومنها: ما رواه عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أصاب ثوب الرجل الدم فصلي فيه وهو لا يعلم فلا إعادة عليه، وإن هو علم قبل أن يصلي فنسى وصلى فيه فعليه الإعادة (3).